منوعات

المحكمة الجنائية الدولية تعريفها واختصاصها

تعد المحكمة الجنائية الدولية، التي يحكمها نظام روما الأساسي، هي أول محكمة دائمة يتم إنشاؤها على أساس معاهدة تم إنشاؤها لمحاسبة مرتكبي أخطر الجرائم على المستوى العالمي كما أشار الى ذلك افضل محامي جنائي في الكويت الأستاذ حسين شريف الشرهان، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وفي السابع عشر من يوليو 1998، اختتمت أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية بالموافقة على اعتماد النظام الأساسي للمحكمة،  والمحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة دائمة ومستقلة ولا تعتبر أحد أجهزة الأمم المتحدة  ويوضح النظام الأساسي أن المهمة الرئيسية في ملاحقة ومعاقبة مرتكبي الجرائم تقع على عاتق الدول الأطراف.

والمحكمة تكمل تلك الجهود وتعتبر المحكمة نقطة الاتصال لتطبيق نظام العدالة الجنائية الدولي، بما في ذلك المحاكم الوطنية والمحاكم الدولية والمحاكم التي تشمل عناصر وطنية ودولية وقد كان لاشتداد الصراعات والحروب الدولية في أنحاء كثيرة من العالم أثره على زيادة ارتكاب جرائم الحرب ضد المدنيين وارتفاع معدلات انتهاكات حقوق الإنسان وفي ظل عدم وجود آلية مناسبة للمجتمع الدولي ليتبناها للحد من هذه الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها أو الذين وقفوا خلفها ومقاضاتهم سواء أكانوا أفرادًا أم دولًا أم منظمات أم حكومات.

التعريف بالمحكمة الجنائية الدولية

المحكمة الجنائية الدولية هي هيئة قضائية جنائية دائمة ومستقلة أنشأها المجتمع الدولي في عام 2002 لمحاكمة مرتكبي أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، لإجراء التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية ، عندما تكون السلطات المحلية على المستوى الوطني غير قادرة أو غير راغبة في القيام بذلك.

كان من الضروري إنشاء هذه المحكمة ؛ ويرجع ذلك إلى أنه على الرغم من إنشاء المجتمع الدولي لنظم دولية وإقليمية لحماية حقوق الإنسان على مدى القرن الماضي ، فإن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب استمرت في التأثير على ملايين الأشخاص، وفقط لعدد قليل من مرتكبي تلك الجرائم تم تقديمهم لمحاكمة وطنية.

وبالمثل، فإن محاكمة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم دولية أمام محكمة جنائية دولية أُنشئت لهذا الغرض (أي على وجه الخصوص) لم تكلل بالنجاح وذلك لأن المحكمة التي تم إنشاؤها لهذا الغرض تخضع للاستقطاب السياسي وتوازن القوى الدولية داخل الأمم المتحدة وبالتالي، فإن أفضل طريقة للحد من انتشار الجرائم الدولية هي محاكمة مرتكبي تلك الجرائم أمام محكمة جنائية دولية دائمة متخصصة في التحقيق في الجرائم الدولية الخطيرة التي تنتهك ركائز المجتمع الدولي وتهدد مصالحه الأساسية.

تم تبني النظام الأساسي لهذه المحكمة، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في عام 1998 ودخل حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، بمصادقة الدول الستين ينص النظام الأساسي للمحكمة في المادة (4) على أن للمحكمة الشخصية القانونية الدولية والولاية القانونية اللازمة لممارسة وظائفها وتحقيق أهدافها، ويمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها وسلطتها على أراضي الدول الأعضاء بالإضافة إلى أراضي دولة أخرى بموجب اتفاقية خاصة مبرمة مع الدول المعنية.

الجرائم التي تختص المحكمة الجنائية الدولية بنظرها

وعملاً بأحكام المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية منه فإن المحكمة تختص بالبت في الجرائم الأشد وهي جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان.

أولاً : جريمة الإبادة الجماعية

جريمة الإبادة الجماعية لها أسماء عديدة منها: الإبادة الجماعية للجنس البشري أو جرائم الإبادة الجماعية  وكلها تعبير عن معنى واحد أو مجموعة من الأفعال التي تهدف إلى القضاء على الجنس البشري واستئصاله من مكان معين أو من أجل فئة معينة من الناس أو شعب من الشعوب، إن جوهر الإبادة الجماعية ينحصر في إنكار حق بقاء الجماعات البشرية بالإجماع لما يستتبعه من تجنب الضمير العام والإضرار الجسيم بالبشرية جمعاء ، فضلًا عن إنكار أخلاق ومبادئ الأمم المتحدة.

وفيما يتعلق بأركان هذه الجريمة، فإنها تتطلب وجود نية خاصة “للإهلاك” ؛ وإذ يعتبر أن ارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها دون نية الإهلاك ينفي الركن الأخلاقي لهذه الجريمة وبالتالي، تنشأ مشكلة إثبات النية الخاصة، والتي لا تتوفر غالبًا للأدلة المكتوب.

وقد عرفت المادة (6) من النظام الأساسي هذه الجريمة بـأنها ” أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كلياً أو جزئياً ومن ذلك:

  • قتل أفراد الجماعة.
  • إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
  • إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.
  • فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
  • نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

ثانياً: الجرائم ضد الإنسانية

وفقًا للمادة (6) من القانون الأساسي المشار إليه، تعتبر الجرائم ضد الإنسانية بمثابة الأعمال التي تُرتكب ضد أي مجموعة من السكان المدنيين. وتشمل هذه الأعمال القتل العمد ، والإبادة ، والاغتصاب  والاستعباد الجنسي ، والترحيل أو النقل القسري للسكان ، وجريمة الفصل العنصري ، وغيرها والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية تخضع للعقاب بغض النظر عما إذا كانت قد ارتكبت في “السلم” أو وقت الحرب.

وهناك من يرى أهمية قصر اختصاص المحكمة على الجرائم الدولية المستقرة في القانون الدولي العرفي  ويجد أنه من المهم تعريف هذه الجرائم بتعريف دقيق وواضح في القانون الأساسي، وهذا يتوافق مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وهكذا، ولأول مرة في التاريخ ، يرد تعريف الجرائم ضد الإنسانية في معاهدة دولية اعتمدتها غالبية الدول وهناك من يقول أن الجرائم ضد الإنسانية تقوض القيم الأساسية التي ينبغي أن تعم في المجتمع الدولي وتنتقص من الاحترام الواجب للحقوق الأساسية للإنسان.

ثالثاً: جرائم الحرب

تنص المادة (8) من النظام الأساسي للمحكمة في الفقرة (1) على أن: يكون للمحكمة اختصاص النظر في جرائم الحرب، لا سيما عندما تُرتكب في إطار خطة سياسية عامة أو في إطار ارتكاب جريمة حرب واسعة النطاق، ويرى عدد من الدول أن وجود هذه الفقرة يحتاج إلى شرح، للتحقق من التزام المحكمة بالتركيز على قضايا جرائم الحرب الجسيمة التي تثير قلق المجتمع الدولي، حيث تخشى أن تنشغل المحكمة بحوادث حرب أقل خطورة نسبيًا، أو أنها ستلجأ إلى ممارسة الولاية القضائية على هذه الجرائم حتى في الحالات التي تكون فيها الدول على استعداد تام لممارسة السلطة القضائية عليها، وفي النهاية تم التوصل إلى حل وسط، وهو أن المحكمة يمكن أن تمارس السلطة القانونية في القضايا الفردية لجرائم الحرب، ولكن في نفس الوقت يجب على المحكمة توفير الحافز لإعطاء الأولوية لمعظم الجرائم التي تنتهك المادة (8) من النظام الأساسي للمحكمة.

رابعاً: جريمة العدوان

وقد تم إدراج هذه الجريمة في أحكام المادة (5) من الفقرة الثانية من نظام روما الأساسي ولكن مع وقف التنفيذ  حتي يتوصل المجتمع الدولي إلى تعريف محددة ومتفق عليه للعدوان، وإلى أن يتم وضع الشروط والتي على أساسها، يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة.

وعليه، هناك خلاف شديد بين أطراف النظام الأساسي للمحكمة ، مما حال دون الاتفاق على تعريف عناصر جريمة العدوان ، وبالتالي فإن المحكمة ليست مختصة بالنظر في جريمة العدوان ، واختصاصها يقتصر على ثلاث جرائم سالفة الذكر، وأري أن العدوان يعتبر من أخطر الجرائم التي يتم ارتكابها، ويجب أن يدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ومن المفترض ألا يكون موضع نقاش.

وهناك من ينتقد إخفاق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة 8 الخاصة باختصاص المحكمة فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النووية والأسلحة البيولوجية أو الكيميائية والألغام ضد الأشخاص وأسلحة الليزر العمياء، ويرون أنه من الأفضل أيضًا لتضمين أسلحة الدمار الشامل في نظام روما الأساسي وذلك لأن هذه الأسلحة محظورة الآن بموجب القانون الدولي، وأري أن استخدام هذه الأسلحة يجب أن يخضع بشكل غير مباشر للرقابة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية المستقبلية.

رانيا حنفي

أعشق الكتابة وحاصلة على ليسانس في علم النفس والاجتماع من جامعة عين شمس، الصحافة موهبتي منذ الصغر، أملي تقديم محتوى قيم للقراء، أعمل في بعض الصحف الورقية مثل اليوم الدولي وأسرار المشاهير ومؤسسة اليوم للإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى