الفهامة.. ثورة بالعامية المصرية على الفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع وعلاقتهم بالناس . موسوعة المرأة العربية
تتحدث هذه المقالة حول الفهامة.. ثورة بالعامية المصرية على الفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع وعلاقتهم بالناس . موسوعة المرأة العربية والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل في مجتمعنا ويهدف هذا المقال او الخبر إلى توضيح مفهوم هذا الموضوع وتحليل الآثار الإيجابية والسلبية التي يمكن أن يترتب عليه. كما سنتناول بالتفصيل التحديات التي تواجه هذا الخبر،على مدى يومنا هذا، وشهد الخبر تطورات هائلة، مما أدى إلى انتشار العديد من المواضيع المثيرة للجدل عبر موقعنا موسوعة المراه العربية ولذلك، يعد هذا المقال جزءًا من سلسلة مقالات تتناول مواضيع مختلفة تهم المجتمع بشكل عام.
أتابع عن كثب حركة النشر والكتاب في مصر منذ سنوات بعيدة ، وكنت أسأل نفسي دائما عن سر الجفوة بين الناس وكتب الفلسفة والتعاطي معها ، والفيلسوف المصر الوحيد الذي إقترب من الناس كان الدكتور زكي نجيب محمود ، بسبب مقالاته في الأهرام ، لكنه كان اقترابا نسبيا ، مؤخرا صدر كتاب عن مكتبة ديوان يحمل بالعامية المصرية اعادة تقديم الفلسفة والمفاهيم بالعامية المصرية ، من تأليف الباحث شهاب الخشاب ، وهو باحث مصري مقيم في بريطانيا ، الفهامة استخدم العامية المصرية في تقيدم رؤيته للفلسفة والمفاهيم السياسية المرتبطة بها ، وفي حقيقة الأمر حقق الكتاب مبيعات فاقت الروايات في الفترة الأخيرة ، وهو ما يطرح تساؤلا حول هذا الكتاب وما يطرحه ، فهة اخترق الحائط العازل بين الفلسفة والناس لأول مرة ، المؤلف قدم رؤيته للكتاب ذاكرا أن المفاهيم عبارة عن منتجات فلسفية مصنوعة للتفاعل مع إشكاليات العالم ، مش بمعني إنها لازم تحل مشاكل الناس اليومية فورا، وإنما إنها بتفتح مجال للتفكير في الظروف التي سمحت بتواجد المشاكل دي، وهذا المجال ابداعي في رأيه ، وقائم علي صنعه فلسفية لازم يتقنها الفيلسوف بالممارسة ، الفيلسوف هو اللي بيستخلص الإشكاليات الفكرية وبيصنع مفاهيم عشان يرد عليها ، الصنعة دي في رأي شهاب الخشاب بتاخد مجهود مادي بين التفكير والقراءة والكتابة ،عكس التصور الشائع عن الفلاسفة بوصفهم ناس كلامنجية بتحفر في السحاب ، في هذا العرض أنا استخدم لغة المؤلف بقدر الامكان لكي أوصل للقاريء ما ينشده المؤلف ، وهو هنايقدم ثورة جديدة في عالم الكتابة في مصر اذ أن كتب العلوم الإنساينة يجري تقديمها عادة باللغة العربية الفصحي البسيطة لقاريء ممتد مجاله من المغرب للخليج ، هذا من ناحية ومن ناحية أخري لم يستطع الفلاسفة في مصر تقديم اجابات للناس عن المسائل الأساسية في الحياة ، وبالتالي ظلت كتبهم حبيسة الدرس الجامعي والنقاش الأكاديمي ، من هنا تأي أهمية هذه التجربة ، لكن الأهم هو أن الاعلام المصري حبس العلماء داخل جدران الجامعة فهو ليس لديه القدرة علي اثارة قضايا ومفاهيم تغير منالبنية القائمة في مصر ، وبالتالي الحقيقة المرة أن مصر متراجعة في الدراسات الفلسفية أيضا ، فقد أوقفت الدولة المصرية الابتعاث في العلوم الانسانية وحدت منه فترة من الفترات ، فضلا ‘ن أننا لدينا فجوة مع المدارس الفلسفية المعاصرة ، لذا علي الساحة العربية برز باحثين من المغرب وتونس والجزائر في حقول الدرسات الانسانية في السنوات الأخيرة .
ما هو طرح هذا الكتاب ؟
طرح هذا الكتاب جاء عبر عدة محاور منها الفرد والمجتمع ، العرق واللون والجنس و الجغرافيا و التاريخ وسياسة الدولة و سياسة الحكم و اقتصاد الانتاج و اقتصاد الاستهلاك واللغة والعلامات والأدب والنقد الأدبي والصورة والفن ، هذه الموضوعات ما هي اذن علاقتها بالفلسفة علي تنوعها ، في حقيقة الأمر لايوجد أي مجال معرفي إلا وله فلسفة تصيغ وجوده وتبعث فيه اجابات حول ما هية وجوده ، لذا فنحن هنا أمام كتاب عابر للتخصصات ليتناول معارف شتي من باب الفلسفة ، هذا سر نجاح هذا الكتاب وانتشاره في أيدي الشباب في مصر .
إن من المفاهيم الممتازة من حيث التناول في الكتاب مفهوم سيادة العين فهو يري أن الطرح الاعلامي الرسمي : شوفتوا الانجازات ؟ الطرق والكباري والمساكن والجوامع الأكشاك والبنزينات ؟ شوفتوا الإنجازات اللي تسد عين الشمس ، اللي تسد كل الشاشات ؟ كل ده وانتم مش شايفينها ؟ هذا الخطاب الاعلامي يسميه شهاب سيادة العين ، ويطرح تساؤلا حول العلاقة بين حاسة البصر والحكم ، والعلاقة واضحة في مفهوم سيادة العين ، ومن هذا المفهوم ممكن نفهم الدولة فسيادة العين هي السائدة في تفكير الدولة في كيفية تقديم نفسها للناس ، ثم يلفت الانتباه إلي أن الناس اللي مش شايفة الانجازات ن واللي بطلوا يبصوا في الاعلانات ويتفرجوا علي الاعلانات، لديها فجوة في مشاهدة الانجازات ، لفت شهاب النظر أن الثقافة المنتشرة في مصر ثقافة سمعية .
من المفاهيم التي قدمها الكتاب في رشاقة مفهزم تأثير الدولة وطرحه أولا عبر تساؤلات تجري علي ألسنة الناس في مصر مثل : ليه الناس بتهاجم الدولة ؟ ، عارفين يعني ايه مصر ؟ ، إيه الفرق بين الدولة وبين مصر ؟ ، وغيرها من الاسئلة لينتهي إلي أن الدولة أكثر من مجموعة من المؤسسات مرتبطة ببعضها بشكل موضوعي ، وأكثر من فكرة قومية مجيدة عظيمة زي مصر السبعتلاف سنة . الدولة دي نتيجة ممارسات وصراعات سياسية واقتصادية واجتماعية بتحدد الفرق بينها وبين المجتمع بشكل متغير مع الظروف التاريخية المتغيرة ، لذلك الناس اللي بتهاجم الدولة ما بتهاجمش دايما نفس الحاجة وإسقاط الدولة ما بيبقاش دايما معناه نفس المعني . ياما دول سقطت في تاريخ مصر السبعتلاف سنة ، والمصريين لسه عايشين ، وياما شعوب انقرضت من أرض مصرن والدولة اللي قضت عليهم استمرت بعدهم ، إذن الناس اللي بتهاجم الدولة مابتهاجمش مصر ، وإنما بتهاجم تصور معين عن مصر .
من المفاهيم اللي تناولها شهاب الخشاب بالشرح مفهموم باسم الشعب وطرحه عبر عدد من الأسئلة والفرضيات باعتبارأن مفهموم باسم الشعب هو مفهموم فرضي ووهمي أيضا ، وبدأ طرحه لهذا المفهوم كما يلي : هل الإنجازات في صالح الشعب ؟ السؤال ده بيطرح سؤالين تانيين : ألهم إيه الإنجازات دي بالضبط ؟ وتانيهم مين يقدر يحدد مصالح الشعب ؟ وما يصحش نطرح السؤالين دول أساسا ، لأن الإنجازات واضحة وضوح الشمس ، والشعب عايز أزهي عصور الديموقراطية ، وأكيد الإنجازات بتتم لصالح الشعب بلا شك وبلا جدال ، أما في العهود الغابرة مثلا ، زي مثلا عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، فنقدر نطرح السؤالين دول ، عشان البعض مننا نسي إنجازات العصور السابقة دي ، ونسي إن مصر ما كانتش ديموقراطية طول عمرها زي ما هي النهاردة .
يبدأ شهاب في تحليل مفهموم باسم الشعب من كتاب نداء الشعب للمؤرخ شريف يونس ، ليخلص إلي أن إنجازات العصر الناصري ما كانتش بتتوزع علي الشعب الحقيقي بشكل متساوي ومتوازن ، الفروق رهيبة بين إدارة المدن وإدارة الأرياف مثال واضح لعجز الدولة عن تحقيق عدالة اجتماعية فعلية ، بالاضافة للسياسات الفوقية اللي تسببت بضرر مباشر للناس في حياتها اليومية ، سواء المتضررين كانوا سجناء سياسيين أو عمال مش واخدين حقهم ، لينتهي شريف يونس أن الضرر المباشر ده ما كانش بيمثل إشكالية كبري بالنسبة للقيادة الثورية إذا الناس العادية دي ما لمتش نفسا جوه الجموع واتعبئت في خدمة النظام ، فهي ببتشاف علي إنها وقافه في طريق تحقيق ( اسم الشعب ) يعني التصور المثالي المستقبلي عن الشعب المؤدب المحترم المهندم اللي كانوا الضباط الأحرار عايزين يبنوه ، لينتهي شهاب الخشاب إلي تساؤل هل الإنجازات في صالح الشعب ، ممكن نقول بكل فخر في رأيه في صالح الشعب المصري العظيم ، وإنما الشعب اللي هيستفيد من الإنجازات دي مجرد اسم ، ولسه الاسم دم مالوش وجود .
الكتاب يمضي علي هذا المنوال في كل مواده وتحليلاته، لذا فعرضه هنا هو مجرد صورة مبسطة من كتاب ممتع إذا امسكت به لن تستطيع تركه إلا بعد أن تنتهي منه ، هو كتاب يسرقك ولا تدرك الوقت الذي ستقضيه في قرائته إلا بعد أن تنتهي منه .
* كاتب وبروفيسور مصري
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “موسوعة المرأة العربية”
اقرأ ايضا: فنلندا تنضم إلى الناتو وفرنسا تعلن التمرّد على واشنطن
إذا كان لديكم أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تترددوا في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم. شكرًا لزيارتكم، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.